الربو مرض شائع في المملكة ويصيب جميع الفئات العمرية. وتزداد حالات الربو بسبب التغيرات التي تحدث في الجو من برودة وزيادة في العواصف الرملية. ويظهر الربو في بعض العائلات حيث تجد أن أكثر من فرد من أفراد العائلة يشكو من الربو، وفي الغالب يكون أحد والدي مريض الربو يشكو من حساسية الصدر، كما أن احتمال إصابة أطفال مريض الربو بالمرض أعلى من الأطفال الذين لا يشكو والداهم من الربو. وشيوع مرض الربو في ازدياد في كل دول العالم ومنها السعودية، وهذا ما نلاحظه في زيادة عدد المراجعين للعيادات.
وقد كشفت الأبحاث الأخيرة أن العوامل الوراثية تلعب دورًا أكبر مما كان متوقعًا في تطور مرض الربو. وقد درس الباحثون صحة 4910 توأما في بريطانيا ووجدت الدراسة أن التوائم المتماثلة (التي تنشأ من بويضة واحدة) تتأثر بالربو بنسب متقاربة، بينما ليس هناك أي ترابط بين التوائم غير المتماثلة فيما يتعلق بدرجة تأثرها بالربو. ومن المعروف أن التوائم المتماثلة تشترك بنفس الجينات، بينما لا تتشابه جينات التوائم غير المتماثلة، وهذا يعني أن احتمال إصابة التوائم المتماثلة بنفس الأمراض الوراثية أمر متوقع بسبب وجود نفس الاستعداد الوراثي.
وأشارت الدراسة إلى أن العوامل الوراثية قد تكون أكثر أهمية من العوامل البيئية، كتلوث الهواء، في زيادة احتمالات إصابة الشخص بالمرض.
بعد ذلك طبّق الباحثون التحليلات الإحصائية لتقدير الدرجة التي يمكن بها أن يكون الربو موروثًا أو مكتسبًا عند الأطفال. ووجد الباحثون في هذه الدراسة أن التوائم المتماثلة اشتركت بنسب متقاربة للإصابة بالربو أكثر مما عليه الحال عند التوائم غير المتماثلة.
وسيستمر الباحثون في أبحاثهم في هذا المجال من خلال دراسة نفس التوائم لعدة سنوات قادمة، بهدف معرفة إذا ما كان الربو وصعوبة التنفس سيستمران عند الكبر أم لا. ويقول الباحثون إن من المرجح أن يكون عدد من الجينات مسؤولا عن إثارة الربو وليس جينًا واحدًا.
وتتركز الكثير من الأبحاث الحالية على محاولة الكشف عن الجينات التي يمكن أن تكون مسؤولة عن الربو.
ويعلم المختصون أن الربو هو حالة حساسية معقدة، تلعب فيها عدة عوامل أدوارًا، عُلم بعضها ولم يُعلم الكثير منها. ونحن نعرف أن الجينات تلعب دورًا في جعل الفرد معرضًا أكثر للإصابة بالمرض، ولكن يبدو أنه ليس هناك جين واحد يسبب الربو. لذلك فإن تأثيرات الجينات المختلفة تجتمع لتنتج معًا قابلية الإصابة بالربو.
ويصعب تحديد عامل واحد مسئول عن الإصابة بالربو، فجميع العوامل تعمل مشتركة معًا وفي حال تواجد أكثر من عامل تظهر أعراض المرض. وأغلب الظن أن الأسباب البيئية والوراثية معًا تسببان المرض، فالطعام الذي نتناوله وطريقة العيش تؤثران أيضًا في تأجيج المرض أو تفاقمه.
وهذا يعني أن بإمكان المصاب بالربو أن يراقب وضعه الصحي ويكتشف بنفسه مسببات الربو التي يتأثر بها شخصيًا كي يتجنبها في المستقبل. أسأل الله للجميع العافية.
أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم