بحلول الشهر الكريم يتغير نظام حياة الصائم بسبب الصوم بالنهار وتغير مواعيد النوم والاستيقاظ، ويتبع ذلك أن يتساءل المرضى عن طريقة ونظام تناولهم الأدوية خلال الشهر الكريم. وسنستعرض في هذا المقال النظام العلاجي للمرضى المصابين بالأمراض الصدرية.وأكثر الأمراض الصدرية شيوعًا هو الربو أو حساسية الصدر وحساسية الأنف والجيوب الأنفية. وعلاج هذه الأمراض في أساسه يتكون من البخاخات وفي بعض الأحيان بعض الأقراص. وبخاخات الربو تتكون في الأساس من نوعين، النوع الأول موسّعات الشعب أو ما يعرف أيضًا بالأدوية المسعفة ومنها بخاخ الفينتولين وتُؤخذ عند اللزوم أو عند إحساس المريض بضيق في التنفس، والنوع الثاني الأدوية الواقية وتُؤخذ عادة بانتظام مرتين أو مرة في اليوم حسب وصف الطبيب؛ لذلك نجد أن صيام رمضان لا يشكل أي معضلة لغالبية مرضى الربو حيث يمكنهم تناول البخاخ الواقي عند السحور وعند الإفطار. أما البخاخ المسعف فعلى المريض تناوله في أي وقت احتاج إليه حتى لو كان في نهار رمضان لأن تناوله ضروري في حال وجود الأعراض. وبالنسبة إلى المرضى الذين يتناولون حبوبًا كحبة السنجيولير أو الكلاريتين فإني أنصحهم بتناولها قبل وقت نومهم بالليل. وما سبق ينطبق على المرضى المصابين بحساسية الجيوب الأنفية. قد تكون الحالة شديدة عند بعض مرضى الربو ويحتاجون إلى البخاخ الواقي أكثر من مرتين في اليوم. لهذه الفئة من المرضى أنصحهم بعدم تغيير نظام تناول الدواء حتى يراجعوا أطباءهم. وأود التنبيه هنا إلى أن البخار الذي يتناوله بعض المرضى في البيت هو مادة الفيتولين الموسّعة للشعب وينطبق عليه ما ينطبق على بخاخ الفينتولين الموسّع للشعب. وعلى مريض الربو تجنب الإجهاد بقدر الإمكان خلال الصوم لأن الجهد قد يزيد من أعراض المرض، كما أن الجفاف قد يزيد من أعراض المرض؛ لذلك يجب الابتعاد عن الأماكن الحارة التي قد تؤدي إلى الجفاف.
ويتساءل بعض المرضى الذين يستخدمون الأكسجين في البيت عن الصوم.. فلهؤلاء المرضى نقول إن عليهم أن يستمروا في استخدام الأكسجين كما وصف لهم، وأن يحرصوا على وضع مرطّب المياه مع الأكسجين لتجنب الجفاف، أما قدرتهم على الصيام من عدمها فهذا الأمر عليهم نقاشه مع أطبائهم. ويجدر التنبيه هنا إلى أن بعض المرضى يتنقلون خارج المنزل وهم يستخدمون الأكسجين المسال المعبأ في قوارير أو الأسطوانات. في حال أراد هؤلاء المرضى الصلاة في المسجد خلال الشهر الكريم وبالذات صلاة التراويح فإني أود تنبيههم لأخذ الحيطة الكاملة من استخدام البخور (العود) وهو يستخدمون الأكسجين لأن الأكسجين مادة سريعة الاشتعال وقد يتسبب ذلك في حريق، لا قدر الله. وفي ضمن السياق نفسه أود أن أذكر مرضى الربو باستخدام البخاخ الموسّع للشعب قبل الذهاب إلى المسجد إذا كان المسجد يُبخر؛ لأن البخور يسبب ضيقًا في الشعب الهوائية لدى بعض مرضى الربو. وأجدها فرصة هنا للطلب من جماعة المسجد عدم تبخير المسجد لأن ذلك يضايق بعض المصلين المصابين بأمراض صدرية وقد يحرمهم من أجر صلاة الجماعة والتهجد في شهر الخير، وأن يحرصوا على أن تكون تهوية المسجد جيدة للحد من انتقال الأمراض الفيروسية التي تكثر في بداية فصل الشتاء وهو ما يوافق شهر رمضان هذا العام.
وأجد أن الشهر الكريم فرصة ذهبية لكل المدخنين للإقلاع عن عادة التدخين، فمن فوّت فرصة شهر رمضان فإن فرص ترك التدخين في الأشهر التالية ستكون دون شك أقل.
وأخيرا أود أن أذكر مرضى الصدر أن تطعيم الإنفلونزا سيطرح خلال هذه الفترة، وهذا التطعيم تنصح به منظمة الصحة العالمية لكل المصابين بأمراض صدرية مزمنة وأخص بالذكر المرضى الذين ينوون أخذ عمرة خلال الشهر الكريم.
أسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام وأن يمنّ على الجميع بالصحة والعافية.
أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم