السكوالين: المادة القضية

يتساءل الكثيرون عن مادة السكوالين (Squalene)التي توضع في اللقاحات وخاصة لقاح H1N1وعن مدى صحة ما يتناوله البعض في الإيميلات ومواقع الإنترنت من خطورة ومضاعفات هذه المادة. وقد طلب مني بعض القراء الكتابة عن هذه المادة. ونحن لا نحاول تغيير القناعات، وإنما نهدف إلى توصيل المعلومة الموثقة للقارئ، ونقصد بالموثقة المعلومة التي نشرت في مجلات علمية محكمة واستخدمت أساليب البحث العلمية المعترف بها، القائمة على الأدلة والبراهين أو نشرت في مواقع لجامعات أو جمعيات علمية مرموقة وموثوقة، ونترك بعد ذلك الحكم للقارئ. وسنضع في هذا المقال المراجع التي نستقي منها المعلومات حتى يتمكن القارئ من التحقق منها.

 السكوالين مادة عضوية زيتية تُستخرج أساسًا من زيت كبد الحوت وزيوت بعض النباتات ومنها الزيتون. وهي مادة طبيعية تفرزها الكائنات الحية ومنها الإنسان؛ حيث تفرز في جلد الإنسان (نشر في مجلة Current Opinion in Infectious Diseases 2007,20:237-246). أما تركيبها فهي مادة هيدروكربونية أساسية لتكوين بعض المواد الأساسية في الجسم مثل الكوليسترول وهرمونات الستيرويد وفيتامين دال. ويتم استخدام مادة السكوالين في اللقاحات منذ أكثر من 12 سنة؛ حيث تم الفسح باستخدامها كمادة مساعدة للمناعة في اللقاحات تحت اسم (MF59)لصالح شركة نوفارتس وصرح باستخدام مادة السكوالين في اللقاحات منذ عام 1997 في عدة دول أوروبية. والهدف من إضافة المادة كما ذكرنا هو زيادة مناعة الجسم ضد العدوى لأن تصنيع لقاح الإنفلونزا عن طريق الحقن يستخدم أجزاء فقط من فيروس ميت وليس كامل الفيروس، وتستخدم المواد مثل السكوالين لتكملة باقي أجزاء الفيروس للحصول على أفضل مستوى مناعة. وتستخدم مادة السكوالين في عدة لقاحات منها لقاح الإنفلونزا الموسمية ولقاح الملاريا، واستخدم في تطوير لقاح مرض الأيدز، واستخدم كذلك في تطوير لقاح لإنفلونزا الطيور (H5N1)وحديثًا استخدم في تطوير لقاح إنفلونزا (H1N1). وقد تم في الأعوام السابقة إعطاء ملايين الجرعات من مختلف اللقاحات التي احتوت مادة السكوالين (نشر في مجلة Current Opinion in Infectious Diseases 2007,20:237-246) وقد بدأ القلق من مادة السكوالين عند ظهور ما عرف وقتها بمتلازمة حرب الخليج، حيث عزا بعض الباحثين الأعراض لمادة السكوالين التي ظن البعض وقتها أنها موجودة في لقاح الجمرة الخبيثة الذي تم إعطاؤه وقتها للجنود بسبب اكتشاف أجسام مضادة للسكوالين في دم الجنود المصابين بالمتلازمة (نشر في مجلة Exp Mol Pathol 2000; 68: 55–64). ولكنه تم دحض هذه النظرية بعد ذلك عن طريق عدد من الباحثين بسبب عيوب ونواقص في طريقة البحث التي أتبعها الباحثون في البحث السابق، وبسبب وجود هذه الأجسام المضادة عند أكثر الناس حتى الذين لم يأخذوا لقاحات بها مادة السكوالين، كما أن الباحثين في البحث السابق لم يستطيعوا إثبات أن المصابين بمتلازمة حرب الخليج قد أخذوا لقاحات بها مادة السكوالين (نشر في مجلة Exp Mol Pathol 2000; 68: 196–198).وقد نفت منظمة الصحة العالمية أن يكون الجنود المصابون بمتلازمة حرب الخليج قد حصلوا على لقاحات بها مادة السكوالين، وذكرت أن أكثر من 22 مليونا حصلوا على لقاحات في أوروبا بها مادة السكوالين منذ عام 1997 ولم تظهر عليهم آثار جانبية، وزادت المنظمة أن الدراسات السريرية التي أجريت على لقاحات بها مادة السكوالين وتم إعطاؤها لحديثي الولادة والرضع لم تظهر آثارًا جانبية. ولكنها ذكرت أن أكثر اللقاحات التي أعطيت للكبار تم إعطاؤها لكبار السن وأوصت بمتابعة الأشخاص الذين حصلوا على لقاحات بها مادة السكوالين. وتظهر هذه المعلومات على موقع المنظمة.

وقد أظهر بحث نشر عام 2006 أن الأجسام المضادة لمادة السكوالين لم تنتج عن لقاح الإنفلونزا الموسمي المحتوي على مادة السكوالين، وكذلك لم يرفع اللقاح مستوى الأجسام المضادة في الدم (نشر في مجلة Clin Vaccine Immunol 2006; 13: 1010–1013).

ما سبق هو ملخص موثق لما أظهرته الأبحاث العلمية من مصادر وأوعية نشر موثوقة.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كلية الطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share