EN
:  حجم الخط
النوم ومستوى السكر في الدم

كل يوم يُظهر لنا البحث العلمي أهمية جديدة للنوم، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق النوم عبثًا ولكن لفوائد كثيرة علمنا بعضها وما زلنا نكتشف وبصورة مستمرة الكثير منها. فقد وجد العلماء في أكثر من بحث علمي علاقة بين اضطرابات التنفس أثناء النوم والتي ينتج عنها الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم وبين الإشارات الأولية لمرض السكري؛ حيث إن توقف التنفس أثناء النوم والشخير قد يزيدان من مقاومة الخلايا للأنسولين مما ينتج عنه ارتفاع مستوى السكر في الدم وصعوبة السيطرة عليه. وقد لاحظ باحثون من فرنسا من خلال متابعة مجموعة من الرجال المصابين بتوقف التنفس أثناء النوم، أنهم أكثر عرضة للإصابة بالأعراض المبكرة لمرض السكري مقارنة بمجموعة مماثلة من غير المصابين بالسكري. وقد تم فحص 700 رجل اشتبه بإصابتهم باضطرابات التنفس أثناء النوم، وتم اختبار دمهم قبل وبعد جرعة من الجلوكوز لمعرفة مدى كفاءة تعامل أجسامهم مع السكر. وقد أظهرت النتائج أن نصف من يعانون اضطراب التنفس ظهرت لديهم إشارات أيضًا على خلل في بعض الوظائف الحيوية التي لها علاقة بمرض السكري. من جهة أخرى أظهرت دراسة حديثة أجريت في السويد أن نسبة الإصابة بتوقف التنفس أثناء النوم عند مرضى السكري هي ضعف نسبتها في مجموعة مماثلة من الأصحاء. لذلك يُوصى بأن يتم فحص السكر لدى كل من يعانون اضطراب التنفس أثناء النوم. الجديد الذي أردت أن أناقشه اليوم أن الأبحاث الحديثة أظهرت كذلك أن نقص عدد ساعات النوم في اليوم والليلة بسبب السهر أو أسباب أخرى وهي مشكلة من مشكلات المدنية الحديثة يعانيها الكثير من المجتمعات ومنها مجتمعنا السعودي قد يؤثر في نظام الجسم المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم ويزيد من احتمالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. فقد أظهرت دراسة مخبرية نشرت في مجلة لانست أن إنقاص عدد ساعات النوم إلى أربع ساعات في اليوم لمدة خمسة أيام أدى إلى اختلال بنسبة 40 في المئة في قدرة الجسم على تعديل مستوى السكر، كما نتج منه زيادة مقاومة الجسم للأنسولين بنسبة 30 في المئة. وفي دراسة أخرى على مجموعة من المتطوعين الذين ناموا لمدة خمس ساعات في اليوم خلال يومين وتم إجراء بعض القياسات ثم سمح لهم بالنوم لمدة عشر ساعات يوميًا على مدار يومين ثم أعيدت نفس القياسات، وجد الباحثون أن قصر مدة النوم على خمس ساعات في اليوم زاد من مستوى السكر في الدم في الصباح وأثر في مستوى هرمون الأنسولين، في حين أن النوم لمدة عشر ساعات لم يؤثر سلبًا في السكر في الدم. كما أظهرت دراسات أخرى أجريت على أعداد كبيرة من الناس خارج المختبر أن نقص عدد ساعات النوم لأي سبب يزيد من احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكري. وفي دراسة حديثة نشرت في سبتمبر 2006 في مجلة حوليات الطب الباطني وجد الباحثون أن نقص عدد ساعات النوم يؤثر سلبًا في مستوى التحكم في السكر في الدم على المدى الطويل مما قد يزيد من احتمال حدوث مضاعفات مرض السكري، وأوصى الباحثون بضرورة التنبه إلى نظام النوم عند المرضى الذين يصعب السيطرة على مستوى السكر لديهم. مما سبق يتبين لنا أهمية الحصول على نوم كافٍ، وهو أمر معروف لدى البعض، وقد تعرضنا له سابقًا بسبب تأثيره السيئ في التركيز والمزاج والتحصيل العلمي وزيادة الوزن، ولكننا اليوم استعرضنا ضررًا جديدًا للسهر وقلة النوم وهو ازدياد احتمال الإصابة بمرض السكري. أسأل الله الكريم أن يحفظكم من كل مكروه.

Sleep and Blood Sugar Level

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share