EN
:  حجم الخط
هل يؤثر تاريخ الولادة على الساعة البيولوجية في الجسم؟

هناك أناس يكونون في قمة نشاطهم ووعيهم في الصباح ويعرفون بأنهم الأشخاص من النوع الصباحي أو طيور الصباح، وهناك آخرون يكونون في قمة نشاطهم في المساء ويفضلون نوم الصباح ويعرفون بأنهم الأشخاص من النوع المسائي أو طيور المساء وهناك نوع وسط بين الفريقين، ويبدو أن هناك عوامل جينية تتحكم في ذلك كثيراً وقد تعرضنا لتأثير الجينات علي الساعة البيولوجية في الجسم في عيادة سابقة. وبالإضافة إلى العامل الجيني يبدو أن هناك عوامل أخرى تتحكم في الوقت الذي يفضله كل شخص للنوم والوقت الذي يشعر فيه بقمة نشاطه، وقبل نقاش هذا الموضوع، يجب أن نعرِف الإيقاع اليومي للجسم أو الساعة البيولوجية.

فالإيقاع اليومي هو قدرة الجسم على التحول من النوم في ساعات معينة (عادة بالليل) إلى الاستيقاظ والنشاط في ساعات أخرى (عادة وقت النهار). وتتحكم عدة عوامل خارجية أهمها الضوء والضجيج في الحافظة على انضباط الساعة البيولوجية للجسم أو إيقاعه اليومي، ويصاحب ذلك تغير في عدد كبير من وظائف الجسم التي قد تكون أنشط بالنهار منها بالليل كزيادة إفراز هرمون النوم خلال النوم وزيادة هرمونات أخرى كالكورتيزول في وقت النشاط. ويتم تقييم نوع الشخص لمعرفة ما إذا كان صباحياً أو مسائياً بملء استبيان خاص يستخدم في مثل هذه الحالات ويمكن أن يجد القارئ هذا الاستبيان باللغة العربية في الجزء الخاص باختبارات النوم.

ونظام الإيقاع اليومي ليس خاصاً بالإنسان فقط فقد أظهرت الدراسات وجوده وتأثره بالعوامل الخارجية في الحيوانات كذلك. واضطراب الساعة البيولوجية هو أحد مشاكل النوم التي تواجهنا بكثرة في عيادة اضطرابات النوم. وقد ظهر حديثاً عدد من الأبحاث تؤكد وجود علاقة بين وقت أو موسم الولادة وبين الاختلاف الملاحظ بين الأشخاص في وقت النوم والاستيقاظ، فقد أظهر بحثان أجريا في إسبانيا وإيطاليا أن المولودين في فصل الربيع تكون نسبة الصباحيين فيهم أكبر. وأكدت هذه النتائج دراسة حديثة أجريت في كندا ونشرت في نوفمبر 2006 حيث بينت أن نسبة أكبر من المولودين في فصل الخريف (نهاية سبتمبر إلى نهاية ديسمبر) كانوا صباحيين أي يفضلون الاستيقاظ مبكراً والنوم مبكراً في حين أن نسبة أكبر من المولودين في فصل الربيع (نهاية شهر مارس إلى نهاية يونيو) كانوا مسائيين أي يفضلون الاستيقاظ متأخرين والنوم متأخرين كذلك. في حين لم يوجد فرق بين فصلي الصيف والشتاء. وعزا الباحثون ذلك إلى أن فترة النهار خلال الخريف أقصر بكثير من فترته خلال الربيع أي أن تعرض المولود للضوء خلال الخريف يكون أقل. ومن المعلوم أن التعرض للضوء هو العامل الأساسي في تحديد الساعة البيولوجية ومستوى هرمون النوم حيث أن الضوء يؤدي إلى توقف إفراز هرمون النمو. وقد فسر الباحثون أن المولودين في الخريف تحتفظ أجسامهم بحساسيتها للضوء أكثر من المولودين في الربيع لذلك يفضلون الاستيقاظ في النهار حين يزداد الضوء والنوم بالليل حين يقل الضوء. وهذه الدراسة لا يمكن تعميمها على منطقتنا لأن طول النهار يختلف في السعودية عنه في شمال الكرة الأرضية كما أن التفاوت بين وقتي الليل والنهار في مختلف الفصول أقل بكثير في السعودية منه في شمال الكرة الأرضية. لذلك لا بد من التوثق من صحة هذه النتائج في منطقتنا الجغرافية. وقد وجدنا في دراسة سابقة أجريناها على عينة من السعوديين متوسط أعمارهم 32 سنة أن نسبة الصباحيين في المملكة 17% والمسائيين 27% والمحايدين (ليس صباحياً ولا مسائياً) 56%. وهي نسبة مقاربة جداً لنتائج العينة الكندية التي نشرت حديثاً. بقي أن أذكر أن كل الدراسات أظهرت أن نسبة الصباحيين أعلى بكثير في الإناث منها في الذكور.

Date of Birth and the Biologic Clock

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share