EN
:  حجم الخط
اضطرابات الأكل أثناء النوم

النوم آية من آيات الله (ومن آياته منامكم في الليل والنهار). فهناك الكثير من الوظائف المهمة التي تتم في جسم الإنسان خلال النوم في تناسق وإتقان عجيب لا يشعر به النائم ولا يدرك مدى الإعجاز الذي صنعه الخالق لكي يبقى الجسم ساكناً في فراشه رغم التغيرات الكثيرة التي تحدث في مختلف الأعضاء ومختلف وظائف الجسم العضوية والحيوية.

وحين يحدث اختلال بسيط في ذلك التناسق، تظهر اضطرابات خلال النوم قد تكون غريبة التفسير حتى للأطباء من غير المختصين. مجموعة من الاضطرابات التي تظهر خلال النوم تعرف هذه الاضطرابات مجموعةً "بخطل النوم" (Parasomnias)، وتحدث هذه الاضطرابات في مختلف مراحل النوم. ولكل مرحلة الاضطرابات الخاصة بها. وحيث أن النوم يقسم إلى نوم أحلام (نوم حركة العين السريعة)، ونوم غير الأحلام (النوم الذي لا تحدث في حركة العين السريعة)، فإن خطل النوم قسم كذلك إلى خطل النوم خلال مرحلة الأحلام، وخطل النوم خلال مرحلة نوم غير الأحلام. وهذه الاضطرابات كثيرة مثل المشي أثناء النوم، والكلام اثناء النوم، وشلل النوم (الجاثوم)، وغيرها الكثير. وسنناقش في هذا المقال اضطرابات الأكل المتعلقة بالنوم.

تقسم اضطرابات الأكل المتعلقة بالنوم إلى قسمين:

1- اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي:

وهو اضطراب صنف حديثا في تصنيف أمراض النوم الذي نشر في يناير 2014 كأحد اضطرابات خطل النوم التي تحدث في نوم غير أحلام (النوم الذي لا تحدث في حركة العين السريعة). ووصفت أول حالة عام 1955 ميلادي وتبع ذلك عدد من الدراسات التي درست هذا الاضطراب. ويعتقد أن هذا الاضطراب يصيب حولي 1 إلى 3% من الناس. وقد أظهرت دراسة أجريت على طلاب الجامعة أن 4.6% من الطلاب يعانون من هذا الاضطراب. وبالرغم من أن الاضطراب يبدأ في الظهور عادة عند الشباب إلا أن هناك حالات ظهرت في الأطفال وفي البالغين من متوسطي العمر.  وأظهرت الدراسات أن متوسط عمر المصابين بهذا الاضطراب يتراوح بين 22-39 سنة. ويصيب الاضطراب السيدات أكثر من الرجال حيث تشكل السيدات نسبة 60-83% من المصابين. ويمثل هذا الاضطراب سلسلة معقدة من التصرفات تبدأ خلال مراحل النوم العميقة (المرحلة الثالثة (N3)  من النوم) وينتج عنها المشي أثناء النوم والتوجه عادة إلى المطبخ لتناول الطعام، وعادة ما يحدث ذلك في الثلث الأول من الليل، ويكون الدماغ أثناء هذه العملية نصف نائم ونصف واع.

أعراض اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي:

لهذا الاضطراب أعراض مميزة منها:

  • يصاحب هذا الاضطراب المشي أثناء النوم، لذلك تظهر على المريض أعراض المشي اثناء النوم مثل صعوبة في إيقاظ المريض أثناء الحالة.وفي العادة لا يتذكر المصاب الأعمال التي قام بها أثناء نومه.وتظهر الأعراض في الثلث الأول من النوم حيث تزداد مرحلة النوم العميق (N3).
  • خلال الحالة، يتناول المصاب كميات كبيرة من الطعام وبسرعة كبيرة وقد يأكل بيديه أو يستخدم أدوات الأكل أو يشعل النار مما قد يسبب له إصابات أو الحريق. وقد يتناول المصاب الأطعمة التي يفضلها في اليقظة إلا أنه قد يتناول أطعمة غير مناسبة للأكل مثل الأكل المثلج أو الفاسد وأحيانا خليطا غريبا من الأطعمة مثل عمل سندويتش بالملح أو السكر وهناك تقارير عن أكل السجائر مع الزبدة أو تناول أكل القطط والكلاب أو أكل مواد خطيرة مثل الغراء أو مواد سامة. ولا يتذكر المصاب أيا من ذلك.
  • يصاب أكثر الذين يعانون من هذ الاضطراب من السمنة المفرطة. وقد يحاول المصاب تناول وجبة قبل النوم للتقليل من الأكل أثناء النوم ولكن هذه الطريقة لم تجد نفعاً عند المصابين.
  • لا يشعر المصاب الجوع في الصباح ولا يشعر برغبة في تناول وجبة الإفطار.
  • قد يعاني المصاب من اضطرابات نوم أخرى وخاصة توقف التنفس اثناء النوم وحركة الأطراف الدورية وتظهر أعراض هذه الاضطرابات.
  • قد يتعرض المصاب لبعض الاصابات بسبب السقوط أو الاصطدام بالأجسام الصلبة أو في المطبخ نتيجة استخدام بعض الأدوات كالسكاكين.

ما هي أسباب اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي؟

هذا الاضطراب غير معروف السبب وهناك احتمال وجود عامل وراثي. ولكن قد يظهر الاضطراب مع تناول بعض الأدوية المنومة أو النفسية. وهناك تقارير عن ظهوره مع دواء (Zolpidem)  الذي يستخدم بكثرة كدواء منوم وكذلك بعض الأدوية المنومة الأخرى من عائلة البنزوديازابين وبعض الأدوية النفسية. كما أن وجود صدمة نفسية أو توتر قد تزيد من ظهور الأعراض. كما أن هذا الاضطراب يوجد بشكل أكبر بين المصابين بمرض النوم القهري. وأظهرت بعض التقارير ظهور أعراض المرض بعد توقف البعض عن التدخين أو بعض المواد المخدرة والمسكرة أو بعد حمية غذائية قاسية.

التشخيص وطرق العلاج:

يتم التشخيص عند وجود الأعراض المميزة للاضطراب. ويفضل عمل تخطيط للنوم لاستبعاد أي اضطرابات نوم مصاحبة مثل توقف التنفس اثناء النوم. في حال وجود اضطراب نوم آخر مصاحب، فإن علاج هذا الاضطراب مثل توقف التنفس أثناء النوم يخفي عادة اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي. وفي حال ظهور الأعراض مع بدء تناول دواء معين فإن إيقاف هذا الدواء قد يخفي الأعراض.

أما في حال عدم وجود مسبب واضح، فيمكن حينها استخدام بعض الأدوية والتي أظهرت نتائج متفاوتة. كما أنك هناك تقارير على استخدام بعض الطرق العلاجية السيكولوجية والسلوكية والتي أظهرت كذلك نتائج متفاوتة.

2- متلازمة الأكل الليلي:

وهذ الاضطراب يختلف اختلافا تاما عن اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي، حيث أن المصاب يكون واعياً تماماً أثناء الأكل في حين يكون المصاب نائماً في اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي. ولا يستطيع المصاب بمتلازمة الأكل الليلي من النوم ليلاً (يصاب بالأرق) حتى يتناول وجبة كبيرة. وتقدر نسبة الإصابة بهذا الاضطراب بنسبة 1.5%.

أعراض متلازمة الأكل الليلي:

  • لا يشعر المصاب برغبة في تناول وجبة الإفطار
  • تناول كمية طعام بعد وجبة العشاء تفوق بكثير ما تناوله في وجبة العشاء
  • تناول أكثر من نصف الاستهلاك الغذائي اليومي بعد وجبة العشاء
  • يتناول المصاب كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير. كما أن المصاب قد يخفي بعض الطعام لتناوله ليلا.
  • تستمر الأعراض أعلاه لمدة تتجاوز الشهرين
  • يعاني أكثر المصابين من زيادة الوزن

ويشترك المصابون بكلا الاضطرابين بأنهم يعانون في العادة من زيادة الوزن ومن الاكتئاب. وفي حين يصيب اضطراب الأكل المرتبط بالنوم الليلي السيدات بشكل أكبر فإن اضطراب متلازمة الأكل الليلي يصيب كلا الجنسين بشكل متساوي.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كلية الطب - جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share