الأخطاء العشرة في التعامل مع الربو

إن من أكثر الأخطاء التي يقع فيها مرضى الربو وذووهم التي قد تحد من المعالجة المثلى للربو تشمل أخطاء شائعة تشمل ما يلي:

  • اعتقاد كثير من المرضى أن حساسية الصدر والربو مرضان مختلفان، في حين أنه المرض نفسه وإن اختلفت التسمية. وعمومًا فإن الحساسية تعتبر أشمل؛ حيث إن هناك حساسية الجلد وحساسية العين وحساسية الأنف وحساسية الشعب الهوائية التي يطلق عليها أيضا الربو، ومعنى الربو في اللغة العربية الزيادة، أي زيادة البلغم. وينتج من ذلك عدم أخذ الحالة المرضية مأخذ الجد، والتهاون في الانتظام في تناول العلاج.
  • اعتقاد كثير من المرضى أن أخذ البخاخات الموسّعة للشعب الهوائية يؤدي إلى الإدمان أو التعود على أخذها بشكل مستمر، وهذا من غير شك اعتقاد خاطئ وليس له أي أساس علمي مطلقًا. وسبب هذا الاعتقاد هو أن الذي يستعمل فقط بخاخ الفنتولين دون إضافة أدوية معالجة أخرى لا يتحسن؛ حيث إن الفنتولين يعتبر مسكنًا فقط وليس علاجًا للربو، وحين لا يتحسن الربو يضطر المريض إلى أخذه باستمرار مما يعطي المريض ومن حوله الانطباع الخاطئ بأنه أدمن عليه. ولذا لا بد من أخذ العلاج الصحيح المتمثل في مضادات التحسس، إضافة إلى تجنب كل ما يؤدي إلى حدوث أعراض الربو. والفينتولين هو أحد موسّعات الشعب الهوائية سريع المفعول، ولكنه كما قلت يعتبر مسكنًا وليس علاجًا؛ حيث إن الحالة قد تعود بمجرد ذهاب مفعوله. ويوجد منه أقراص وشراب ولكن ينصح باستعمالهما؛ حيث إن الأطفال أيضًا يمكنهم استعمال البخاخ عن طريق التوصيلة المعدة لتسهيل الاستعمال.
  • اعتقاد بعض المرضى عدم جدوى أخذ البخاخات وعدم نفعها. وكثير من المرضى يخشون استعمال هذه البخاخات بدافع الخجل وعدم الرغبة في معرفة الآخرين بحالتهم الصحية والاطلاع عليهم أثناء تناول البخاخات، وهذه الاعتقادات غير مبررة إذا عرفنا أن الربو يصيب أكثر من 10 في المئة من سكان المملكة، وأن أكثر أدوية الربو حاليا يمكن أخذها فقط في المنزل لمرة أو مرتين يوميا.
  • رفض بعض المرضى أخذ الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون عن طريق الفم أو البخاخات خوفًا من تأثيراتها الجانبية رغم حدة أعراض الربو وما قد يؤدي إليه من مضاعفات سيئة أكثر خطورة من أعراض الدواء. ومن ناحية أخرى هناك بعض المرضى يأخذون حقن الكوتيزون في العضل، علما أن هذه الحقن تحتوي على جرعات عالية وطويلة المفعول مما يؤدي إلى مضاعفات جانبية خطرة.
  • التساهل في أخذ حبوب الكورتيزون بشكل مستمر أو حين التعرض لنوبة ربو خفيفة نظرا إلى سهولة تناولها وفعاليتها دون استشارة الطبيب مما ينتج منه أعراض مزمنة وخطيرة.

والكورتيزون مادة دوائية يوجد لها هرمون مشابه في الجسم يفرز من الغدة الكظرية، وعلى الرغم من إمكان تسبب الكورتيزون للكثير من الأعراض الجانبية الشديدة إذا أعطي بجرعات عالية ولمدة طويلة فإن له فوائد عظيمة جدًا وأنقذ، بإذن الله، الآلاف بل الملايين من البشر من موت محقق سواء لعلاج الربو أو غيره من الأمراض التي تستجيب لهذا النوع من العلاج. ولذا يُنصح باستعماله بطريقة صحيحة وعند الضرورة وتحت إشراف طبيب متخصص.

  • الاعتماد في معالجة الربو على زيارة غرف الطوارئ بدلا من أخذ الأدوية المقررة حسب إرشادات الطبيب والذهاب للإسعاف فقط في حالة عدم الاستجابة للأدوية.
  • اعتقاد بعض المرضى بأهمية الأكسجين وبضرورة زيارة الطوارئ من أجل الحصول عليه، علما أن الأكسجين ليس ضروريًا في معظم حالات الربو ماعدا النوبات الحادة.
  • اعتقاد أن الربو يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية بحيث تنقطع الأعراض تمامًا ولا ترجع مرة أخرى. ومن المهم معرفته أن الربو ليس له علاج قاطع ونهائي مثله في ذلك مثل مرض السكري، وذلك نظرا إلى وجود العاملين المهمين في تكوينه وهما الاستعداد الخلقي والمحسسات الخارجية، إلا إذا تم عزل الإنسان عن بيئته تمامًا، وهذا غير ممكن. ولكن بمحاولة تجنب المحسسات البيئية واستعمال الأدوية الفعالة يمكن للمصاب أن يعيش حياة طبيعية هادئة دون أزمات ربوية أو أعراض مزعجة.
  • ولدى السيدات الحوامل خطأ شائع وهو التخوف من تأثير الأدوية المستعملة لعلاج الربو في الجنين، بل إن هناك الكثير من أطباء وطبيبات النساء والولادة قد يوعزون إلى مريضاتهم المصابات بالربو بوقف العلاج، بينما الأجدى هو نصح المرضى باستشارة الأطباء المختصين في مجال الأمراض الصدرية.

’هسؤخىؤثحفهخىس شلاخعف ِسفاةش

ولا يختلف علاج الربو أثناء الحمل عن علاج الربو لغير الحوامل، وبصفة عامة يمكن القول إن معظم الأدوية المستخدمة في علاج الربو يمكن استخدامها أثناء الحمل فهي مأمونة وليس لها أي تأثير في صحة الجنين. ومن أهم المخاطر التي تحدث أثناء الحمل هي عدم أخذ الأدوية حسب إرشادات الطبيب نتيجة للتخوف من أعراضها الجانبية أو تأثيرها في الجنين، علما أن أخطار نوبات الربو هي أكثر ضررًا على صحة الجنين وصحة الحامل من أي ضرر لهذه الأدوية.

وقد أوضحت دراسات علمية كثيرة أن مريضات الربو عندما يحملن فإن ثلثهن تتحسن لديهن الحالة وثلث تستقر والثلث الآخر تزداد، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم أثناء الحمل وزيادة حجم البطن مما يؤثر في سهولة التنفس وحركة الحجاب الحاجز، كما أن الكثيرات من الحوامل، كما أسلفت، يوقفن من تلقاء أنفسهن علاج الربو خوفًا على الجنين، مع أن جميع أدوية الربو وخاصة التي تعطى عن طريق الاستنشاق لا تؤثر في الجنين، بل إن ترك هذه الأدوية قد يسبب أزمة ربوية ونقصًا حادًا في الأكسجين مما يضر بالجنين. وهناك بعض السيدات لا تظهر عليهن أعراض الربو إلا في فترة الحمل؛ حيث يكون لديهن استعداد كامن قبل فترة الحمل ثم يكون الحمل أحد العوامل التي تؤدي إلى ظهور الحالة.

  • وأخيرا فإن من الأخطاء الشائعة التوجه إلى المعالجة بالأعشاب والكي واستعمال مخلوطات غير علمية وغير معروفة. ومع توافر الأدوية الحديثة الفعالة التي تعرف جرعتها ومدى تأثيرها وأعراضها الجانبية بالتفصيل فلا أنصح باللجوء إلى علاجات عشبية غير مقننة وقد تكون مغشوشة أو ضارة أو غير مفيدة، وأقل ما فيها أنها قد تصرف المريض عن استعمال أدويته مما يسبب انتكاسة لحالته.

ومن خلال متابعة الكثير من مرضى الربو يمكن القول إن هذا المرض قابل للسيطرة عليه بسهولة في معظم الحالات، وإن عدد الحالات التي يصعب السيطرة عليها قليل جدا ومحدود، وهذه الحالات تحتاج إلى عناية خاصة ومتابعة دقيقة من الأطباء المتخصصين في هذا المجال.

ويمكن تلخيص أسباب عدم التحكم الجيد في الربو لدى معظم الحالات في الآتي:

  1. عدم تفهم مريض الربو لمرضه ومسبباته.
  2. تعرض المريض لمسببات الحساسية بصفة متكررة وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة.
  3. عدم معرفة المريض لهذه المسببات داخل البيت أو خارجه.
  4. عدم أخذ الأدوية المقررة والانتظام عليها حسب إرشادات الطبيب.
  5. عدم تناول الأدوية وخاصة البخاخات بطريقة صحيحة. ومن خلال متابعة الكثير من مرضى الربو يعتبر هذا من أهم الأسباب.
  6. تردد المرضى في أخذ الأدوية وخاصة البخاخات وعدم الاقتناع بجدوى هذه الأدوية ونفعها. وهو اعتقاد خاطئ؛ حيث تتميز هذه الأدوية بفاعليتها في معالجة الربو وقلة أعراضها الجانبية.
  7. تنقل المريض وتردده بين أطباء كثيرين مما ينتج منه تعدد الأدوية وفقد المتابعة وعدم وجود خطة طبية صحيحة لمتابعة الحالة المرضية وعلاجها.
  8. تلقي المريض معلومات خاطئة أو غير دقيقة أو مضللة عن مرض الربو أو تأثيرات الأدوية من الأقارب أو من الزملاء أو من مرضى آخرين أو حتى من أطباء غير مختصين في هذا المجال. كما يقارن بعض المرضى حالتهم الصحية وأدويتهم بمرضى آخرين أو بعض الأقارب أو الأصدقاء الذين قد يعانون أمراضا أو حالات خاصة ومختلفة.

 

د. حاتم المبارك

أستاذ مساعد واستشاري الأمراض الصدرية

أبوظبي

Share