من المعلوم طبيًا أن المواد الموجودة في الدخان وبالذات النيكوتين تؤدي إلى الإدمان العضوي، فعند استنشاق المدخن تصل مادة النيكوتين للمخ خلال ثوانٍ حيث تصل إلى مستقبلات النيكوتين في المخ وتسبب النشوة التي يشعر بها المدخن، ولكن أعراض الإدمان ونقص مستوى النيكوتين تظهر بعد أن ينخفض مستوى النيكوتين؛ لذلك يطلب المدخن السيجارة تلو الأخرى ويدخل في دائرة الإدمان، ويجد كثير من المدخنين صعوبة بالغة في ترك عادة أو مرض التدخين، وكثير من الذين يتركون التدخين يعودون إليه مرة أخرى بعد تركهم له، وتظهر الإحصاءات أن 7 في المئة فقط من الذين يحاولون وقف التدخين دون مساعدة ينجحون في الاستمرار في وقف التدخين، كما أن الشخص الذي ينجح في وقف التدخين يكون قد حاول في المعدل 10 مرات حتى ينجح في محاولاته، لذلك يحتاج المدخن في كثير من الحالات إلى مساعدة المختصين حتى ينجح في ترك عادة التدخين، وهذه المساعدة قد تتكون من برنامج متكامل يتضمن علاجًا سلوكيًا وعلاجًا طبيًا، وظهرت أكثر من طريقة لمساعدة المدخن على ترك التدخين مثل مشتقات النيكوتين التي تستخدم ومنها رقعة النيكوتين وعلكة النيكوتين وبخاخ النيكوتين وغيرها، وبدأ منذ عشر سنوات تقريبًا استخدام عقار زيبان (Zyban)لمساعدة المدخن على ترك التدخين، وبعد ذلك لم تظهر أي أدوية جديدة حتى أُقر قريبًا عقار جديد يدعى تشانتكس (Chantix)وقد أقرت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية قريبًا استخدام هذا العقار لمساعدة المدخنين.
وأتت الموافقة بعد أن خضع العقار للعديد من الأبحاث، ولأهمية المشكلات الصحية التي يسببها التدخين، فقد أظهرت الدراسات أن مجموعة المدخنين الذين تناولوا عقار تشانتكس تمكنوا من التوقف عن التدخين بأربعة أضعاف المدخنين الذين تناولوا العقار الكاذب (بلاسيبو)، كما أن عدد الذين تناولوا تشانتكس وتوقفوا عن التدخين كان ضعف عدد الذين تناولوا عقار زيبان.
وضمّت عينة الدراسة مدخنين قدامى دخنوا في المعدل 25 سنة بمعدل باكيت واحد في اليوم، ورغم ذلك حصلوا على نتائج جيدة، ولم تبين الدراسات حتى الآن فاعلية تشانتكس على المدى الطويل؛ حيث إن نسبة كبيرة من المدخنين قد يعودون إلى عادة التدخين بعد وقف العلاج؛ لذلك تنصح الشركة المصنعة بإعطاء دورة ثانية من العلاج للتقليل من احتمالات عودة المدخن للتدخين.
وتتكون الدورة من 21 أسبوعًا، ولم يظهر للعقار الجديد أي آثار جانبية خطيرة خلال الأبحاث.
ويتم تناول تشانتكس مرتين في اليوم صباحًا ومساء.
والعقار الجديد يعتبر خطوة جديدة ومفيدة لمساعدة المدخن على وقف التدخين، ولكن على المدخن أن يدرك أن العزيمة هي الأساس في وقف التدخين والأمور العلاجية هي أمور مساعدة، كما أن المدخن قد يحتاج إضافة للعلاج، إلى الانخراط في برنامج لمكافحة التدخين، وعلى المدخن أن يدرك أن وقفه للتدخين في أي وقت وفي أي عمر سينعكس خيرًا على صحته فلا يقول مثلاً إني قد دخنت لسنوات طويلة ولن يجدي نفعًا بعد هذا العمر أن أوقف التدخين، فهذا الكلام غير صحيح، فإذا أوقف المدخن التدخين قبل سن الخمسين فإن احتمال وفاته بسبب أحد مضاعفات الدخان خلال الـ15 سنة التي تلي وقف التدخين تنخفض بنسبة 50 في المئة، وهكذا تبقى الفائدة من وقف التدخين موجودة دائمًا، وكلما بكّر المدخن بوقف التدخين كانت الفائدة أكبر.
لذلك ولكل الذين أوقفوا التدخين خلال شهر رمضان، عليهم الاستمرار في وقف هذه العادة القاتلة وطلب المساعدة من المختصين في وقف التدخين إذا احتاجوا إلى ذلك، أسأل الله أن يحفظكم من كل شر ومكروه.
أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم