التدخين عند المسلمين

يشكل المسلمون خمس سكان العالم، ومن المعروف والمثبت أن عادة التدخين شائعة جدًا في المجتمعات المسلمة وتزداد باطراد، حتى أن التدخين أكثر شيوعًا عند المسلمين الذين يعيشون في أوروبا مقارنة بالأوروبيين والشعوب الأخرى. وقد ظهر حديثًا مقال في المجلة الطبية البريطانية (إحدى أعرق المجلات الطبية) بعنوان «تأثير الإسلام على التدخين عند المسلمين» للطبيب المسلم نظيم غوري وزملائه، وقد ذكر الكاتب أن استفتاء أجري في إنجلترا عام 2004م أظهر أن نسبة التدخين تصل إلى 40٪ عند الرجال من أصول بنغلاديشية الذين يعيشون في إنجلترا مقابل 24٪ من الرجال في إنجلترا، وتساءل عن سبب شيوع التدخين بين المسلمين. وأورد المؤلفون نسبة التدخين بين الرجال في 30 دولة إسلامية تصدرتها اليمن 77٪ وإندونيسيا 69٪ وهي نسب تزيد بكثير عن الدول الغربية. ونسبة التدخين عند النساء في العالم الإسلامي أقل من الرجال بكثير، وقد تساءل المؤلفون عن السبب وذكروا أن النساء في العالم الإسلامي قليلات الخروج من المنزل مما يجعل تعرضهن لمجتمعات المدخنين أقل، كما أن كثيرًا من السيدات قد تنكر أنها مدخنة خوفًا من نظرة المجتمع مما يعني أن النسبة قد تكون أعلى من المعلن عنها بكثير. واستعرض المؤلفون أنواع الأحكام في الإسلام: واجب، مستحب، حلال، مكروه، حرام، وتحدثوا عن مصادر التشريع في الإسلام وهي القرآن والسنة والاجتهاد، ووصلوا بعد ذلك إلى الأحكام التي أصدرها علماء المسلمين على التدخين منذ بدايات القرن الماضي. فقد ورد في المقال أن الأصل في الدين الإسلامي الإباحة، إلا ما ورد نص بتحريمه، وذكر أن علماء المسلمين في بعض مناطق العالم في بداية القرن الماضي لم يكونوا يعلمون بمضار التدخين الصحية لذلك أباحوه مما قد يكون أحد أسباب انتشار التدخين في بعض مناطق العالم الإسلامي.

Islam and Smoking

وتساءل المقال عن عدم التزام المسلمين بدينهم، حيث إن الدين الحنيف حرّم كل ما يضر بالفرد أو المجتمع، والتدخين مثبت علميًا بما لا يدع مجالا للشك ضرره على صحة المدخن مما يرفعه لدرجة التحريم، وكذلك فإن التدخين السلبي لا يقل خطورة، لذلك فالتدخين مضر بالفرد المدخن والمجتمع ما يؤكد ضرورة منعه في الأماكن العامة.

ومن المؤسف جدًا أن 14 دولة إسلامية فقط تمنع التدخين في الأماكن العامة وسبع دول فقط تمنع بيعه للقاصرين.

وقد وقّع على معاهدة مكافحة التدخين في منظمة الصحة العالمية في فبراير 2005م (104) دول منها 14 دولة مسلمة، ونحمد الله أن السعودية إحدى تلك الدول التي وقّعت تلك المعاهدة.

وأنا أنصح من استطاع من القراء أن يقرأ المقال المنشور في المجلة الطبية البريطانية. وأختم هذا المقال بذكر بعض الأمور التي يجب أن نتبعها للحد من هذا الوباء الخبيث.. وباء التدخين:

  • على رجال العلم في العالم الإسلامي إظهار تحريم التدخين بصورة واضحة لا مجال للشك فيها.
  • على الدول الإسلامية تفعيل كل آليات مكافحة التدخين ومعاقبة المخالف، كمنع التدخين في الأماكن العامة ومنع إعلانات التدخين وعدم بيع السجائر للقصَّر.
  • التوعية المستمرة بمخاطر التدخين المصحوبة بصورة حية لآثار التدخين وما يفعله بالمدخن.

 

وأسأل الله أن يحفظنا وإياكم وكل مسلم من كل مكروه.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share