مادة ثيميروسال في اللقاح - سؤال وجواب

س:تحدثتم في جريدة الرياض سابقًا عن مادة السكوالين في اللقاحات ولكن هناك مادة أخرى هي مصدر قلق للعامة تدعى ثيميروسال ومادة الزئبق ويقال إنهما توجدان بلقاح H1N1، فما هذه المادة؟

ج:مادة ثيميروسال (Thimerosal)والتي تعرف كذلك بمادة ثيوميرسال (Thiomersal)هي مادة قديمة وليست بالحديثة تم تصنيعها عام 1928 من قبل عالم كيميائي في الولايات المتحدة يعرف بالدكتور موريس كاراش كمادة مضادة للميكروبات، وتم تصنيعها بشكل تجاري عام 1931 من قبل شركة لي لي الدوائية تحت اسم ميرثيوليت (Merthiolate)حيث تم استخدامه كمادة حافظة في اللقاحات منذ ذلك العام. وتم في الثمانينيات الميلادية استخدام هذه المادة في لقاح الثلاثي (السعال الديكي، الدفتيريا والقزاز). ويعتبر ثيميروسال من مركبات الزئبق العضوية؛ حيث يكون الزئبق 49.6 في المئة من وزن المركب ويوجد على هيئة إيثيل الزئبق. ويستخدم في صناعة عدة مواد فهو يستخدم كمادة حافظة في بعض اللقاحات وفي الأجسام المضادة الطبية التي تعطى للمرضى عن طريق الوريد، كما يُستخدم في بعض المواد المستخدمة في اختبارات المناعة والحساسية الجلدية وبعض منتجات أدوية العيون والأنف، وكذلك يُستخدم في الأحبار المستخدمة في الوشم.

س:ما فائدة مادة ثيميروسال في اللقاح؟

ج:مادة ثيميروسال تستخدم في عدد من اللقاحات لأسباب مختلفة يمكن إيجازها في ثلاثة أسباب:

  1. لقتل البكتيريا التي يعمل لها اللقاح، وأفضل مثال على ذلك لقاح السعال الديكي.
  2. لقتل البكتيريا التي قد تلوث اللقاح خلال عملية التصنيع، ومثال ذلك لقاح الإنفلونزا ذو الجرعة الواحدة.
  3. كمادة حافظة تبقى في اللقاح بعد تصنيعه لمنع البكتيريا والفطريات من النمو في اللقاح خلال استخدامه، حيث تُضاف مادة ثيميروسال بعد نهاية التصنيع كمادة حافظة، ومثال ذلك لقاح الإنفلونزا المتعدد الجرعات.

وتركيز مادة ثيميروسال في النوعين الأولين قليل جدًا يمكن تجاهلها حيث تصل إلى 2ـ3 ميكروغرام لكل 1 مليليتر من اللقاح. ولكن عندما يُستخدم كمادة حافظة كما في النوع الثالث فالتركيز يكون أعلى بكثير، وهذا ما يسبب القلق عند البعض. وتستخدم المادة الحافظة في اللقاح المتعدد الجرعات لمنع تلوث اللقاح؛ حيث إن اللقاح المتعدد الجرعات يأتي في قوارير صغيرة يتم وضع الإبر فيها أكثر من مرة لسحب الجرعات.

س:هل سيحتوي لقاح H1N1هذا العام على مادة ثيميروسال كمادة حافظة؟

ج:هذا الأمر يحتاج إلى التفصيل: هناك شكلان للقاح الإنفلونزا: النوع الأول ما يُعرف باللقاح المتعدد الجرعات، كما شرحناه أعلاه، وهذا سيحتوي على مادة ثيميروسال كمادة حافظة، والنوع الثاني لقاح الجرعة الواحدة، وهو اللقاح الذي يأتي جاهزًا في الحقنة (السيرينج) ويعطى للشخص وبعدها يتم التخلص من الحقنة. وهذا اللقاح لا يحتوي على مادة ثيميروسال. علمًا أن كل ما سبق ينطبق كذلك على اللقاح الموسمي الذي يعطى سنويًا منذ فترة طويلة.

س:أنا قلق من إعطاء أبنائي لقاحًا به مادة ثيميروسال، فهل قلقي مبرر؟

ج:من حقك الحرص على سلامة اللقاح قبل أن تأخذه أو تعطيه أبناءك. والقلق من مادة ثيميروسال عالمي ولا يقتصر علينا في المملكة؛ حيث يراود الكثير من الآباء قلق من إعطاء أبنائهم اللقاح الذي يحتوي على مادة ثيميروسال. وكما ذكرنا فإن مادة ثيميروسال كانت توجد حتى عام 2001 في اللقاح الثلاثي للسعال الديكي ـ الدفتيريا ـ القزاز. وقد عزا بعض الأطباء والمحامين ظهور مرض التوحد عند بعض الأطفال لوجود مادة ثيميروسال في لقاح الثلاثي، وتم رفع العديد من القضايا ضد الشركات المصنعة. ووصل الأمر ببعض الآباء في بريطانيا أن رفضوا إعطاء أبنائهم لقاح الثلاثي مما نتج منه في تلك الفترة وفاة 70 طفلا بسبب إصابتهم بالسعال الديكي (مجلة نيوإنجلاند 2007). وقد رفعت بين عام 1989و2009 أكثر من 5600 قضية في أمريكا من آباء يعاني أبناؤهم من التوحد، وحكم في قضية واحدة فقط لصالح الوالدين بسبب أن الطفل كان يعاني أحد أمراض الحبيبات الخيطية؛ لذلك رأت المحكمة أن إعطاءه اللقاح كان غير مناسب (مجلة نيوإنجلاند). أما القضايا الأخرى فلم يحكم فيها بسبب عدم توافر أدلة على علاقة سببية بين اللقاح والتوحد. وقد قامت عدة جهات علمية منها مركز السيطرة على الأمراض (CDC)والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)والمركز الوطني للصحة (NIH)عام 1999 بمراجعة جميع الدراسات التي تعرضت لعلاقة مادة ثيميروسال بالتوحد، واستنتجت أن الأبحاث الموجودة لم تثبت علاقة سببية بين مادة ثيميروسال والتوحد. وطلب بعد ذلك مركز السيطرة على الأمراض (CDC)والمركز الوطني للصحة (NIH)من جهات علمية أخرى محايدة مراجعة هذا الموضوع، وأوكل هذا الأمر للأكاديمية الوطنية للعلوم(NAS)ومعهد الطب (IOM)واللجنة الاستشارية للقاحات (ACIP). وقد توصلت هذه الجهات إلى عدم وجود دليل على علاقة مسببة بين مادة ثيميروسال والتوحد. وتوجد هذه المعلومات على مواقع هذه الهيئات. علمًا أن كثيرًا من الأبحاث التي درست العلاقة بين ثيميروسال والتوحد درست مادة ميثيل الزئبق، في حين أن ثيميروسال يحوي مادة إيثيل الزئبق، وهناك فرق في الآثار الجانبية بين المركبين. وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع على علاقة سببية فقد أمر مركز السيطرة على الأمراض (CDC)وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)عام 1999 الشركات المصنعة بعدم استخدام مادة ثيميروسال في لقاحات الأطفال من مبدأ الحذر. ومنذ عام 2001 لم يصنع أي لقاح للأطفال به مادة ثيميروسال. وعلى الرغم من عدم حصول الأطفال على مادة ثيميروسال منذ ذلك العام فإن نسبة الإصابة السنوية بالتوحد في الولايات المتحدة لم تنخفض، وهذه النتائج لا تدعم النظرية التي تقول إن مادة ثيميروسال تسبب التوحد. لذلك وعلى أساس الأدلة المتوافرة لا يمكن القول بوجود أدلة علمية تثبت أن مادة ثيميروسال تسبب التوحد. ولكني أعلم أن القلق موجود لدى الآباء والأمهات، وأنا لا ألومهم على ذلك لأن القلق عالمي، ولكني أذكر الوالدين أنه يمكنهما أن يسألا الطبيب قبل إعطاء اللقاح لأبنائهم إن كان يحتوي على مادة ثيميروسال أم لا.

Thimerosal

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share