الـــدرن

وافق يوم 24 مارس (آذار)الماضي اليوم العالمي للدرن، وتزامن مع ذلك تنظيم الجمعية السعودية لطب وجراحة الصدر مؤتمرها السنوي الخامس بمشاركة الاتحاد العالمي ضد مرض الدرن التابع لمنظمة الصحة العالمية في اجتماعه السنوي السادس والعشرين بمشاركة مختصين من المملكة وكثير من الدول الأخرى. وبهذه المناسبة سنتحدث في هذا المقال بصورة مختصرة عن مرض الدرن.

الدرن أو السل، مرض تسببه بكتيريا تعرف بميكوبكتيريا الدرن، وهذه البكتيريا يمكن أن تهاجم أي جزء من أجزاء الجسم ولكنها في أغلب الحالات تصيب الرئتين.

وقد كان المرض في فترات سابقة السبب الأول للوفاة.

ومنذ اكتشاف علاج للدرن في الأربعينيات الميلادية بدأ المرض في الانحسار التدريجي عالميًا، ولكنه عاد للظهور بقوة مرة أخرى في منتصف الثمانينيات الميلادية. فبين عامي 93 و96 ازدادت حالات الدرن بنسبة 13 في المئة على مستوى العالم.

وتعزى عودة مرض الدرن لعدة أسباب منها: ظهور وانتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز)، كثرة السفر والتنقل والهجرة بين دول العالم وخاصة من الدول التي يعتبر المرض مستوطنًا فيها إلى الدول الأقل تأثرًا بالمرض، وعدم دعم البرامج التوعوية والعلاجية التي تؤدي إلى الحد من انتشار المرض.

وفي السعودية يعتبر توافد العمالة من مختلف مناطق العالم وخاصة دول جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية (حيث يعتبر مرض الدرن مستوطنًا وشائعًا هناك)أحد أهم الأسباب لانتشار المرض، وهذا يؤكد أهمية الالتزام بالضوابط والقوانين التي وضعتها وزارة الصحة ومكتب العمل والعمال من الكشف الطبي على العمالة القادمة للمملكة للتأكد من خلوها من المرض، كما أن سكن العمال في مناطق ضيقة، سيئة التهوية وبأعداد كبيرة قد يساعد على انتشار المرض بين العمالة الوافدة.

ويتسبب مرض الدرن في وفاة 2 إلى 3 ملايين شخص كل سنة على المستوى العالمي، ويعتبر السبب الأول للوفاة مقارنة بجميع الأمراض المعدية الأخرى مثل الملاريا ومرض نقص المناعة المكتسبة، وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه من الآن وحتى عام 2020م سيكون هناك مليار حالة جديدة حاملة للمرض، 200 مليون شخص سيصابون بالمرض وسبعون مليون حالة وفاة إن لم تتم السيطرة على المرض.

Tuberculosis

ويعتبر مرض الدرن، مرضًا معديًا ينتقل عن طريق الهواء والرذاذ، والمرضى المصابون بالدرن الرئوي هم الذين ينقلون المرض فقط، وإن لم يعالج المصاب بمرض الدرن فإنه ينقل المرض إلى نحو 10 إلى 15 شخصًا سنويًا، وعلى التقريب يتعرض واحد في المئة من سكان العالم لبكتيريا الدرن كل عام أو بمعنى آخر شخص واحد في كل ثانية، وبصفة عامة فثلث سكان العالم يعتبرون حاملين لبكتيريا الدرن، 5 إلى 10 في المئة من حاملي البكتيريا يصابون بالمرض خلال حياتهم ويصبحون ناقلين للمرض.

وهناك علاقة وثيقة بين مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز)والدرن، فكل واحد منهما يسارع في تقدم وسرعة ظهور أعراض الآخر، وقد ساهم مرض الأيدز بقوة في عودة وانتشار مرض الدرن، ويقدر أن يتسبب مرض الأيدز في 15 في المئة من حالات الدرن، ومرض الأيدز يضعف الجهاز المناعي في الجسم مما يؤدي إلى سرعة انتشار الدرن حيث احتمال التحول من حامل بكتيريا الدرن إلى مصاب بمرض الأيدز.

يذكر أن مرض الدرن هو السبب الرئيسي للوفاة عند مرضى الأيدز حيث يتسبب تقريبًا في وفاة ثلث المصابين بمرض الأيدز على مستوى العالم؛ ووفاة 40 في المئة من المصابين بمرض الأيدز في آسيا وإفريقيا، وفي إفريقيا يعتبر مرض الأيدز السبب الرئيسي لزيادة انتشار مرض الدرن في السنوات العشر الماضية، وأظهرت الإحصاءات أنه في عام 1997 كان عدد المصابين بمرض الأيدز 31 مليون شخص على مستوى العالم، ثلثهم على التقريب يعتقد أنهم حاملون لبكتيريا الدرن.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share