زولير: علاج جديد للربو

مرض الربو كما يعلم القارئ مرض شائع جدًا، وهناك الكثير من المرضى الذين يعانون منه. ونظام علاج الربو يخضع لمراجعة مستمرة من قبل المختصين. وهناك جهات علمية عالمية تضع ضوابط وطرق العلاج، وتصدر هذه الضوابط بناء على أفضل الأدلة العلمية المتوافرة ويتم مراجعتها بصورة دورية كل سنة أو سنتين وتصدر الجهات الصحية في كثير من الدول إرشادات لعلاج الربو، وهناك إرشادات سعودية يتم مراجعتها بصورة دورية. وعلاج الربو يعتمد في الأساس على خطين من العلاج:

موسّعات الشعب وتستخدم كأدوية إسعافية ولمرضى الربو المتقطع، والخط الثاني هو الأدوية الواقية التي تمنع حدوث الربو. والفكر خلف استخدام الأدوية الواقية هو تغير فهم آلية مرض الربو، حيث ينظر الأطباء الآن إلى مرض الربو على أنه التهاب يحدث في مجاري وقصبات الهواء ويحدث أعراض الربو. فآلية مرض الربو أكثر بكثير من مجرد انقباض العضلات في قصبات الهواء مما يحدث ضيقًا في مجرى التنفس. وتهدف الأدوية الواقية إلى وقف الالتهاب في قصبات الهواء ويتم ذلك على عدة مستويات وبعدة أدوية؛ فالستيرويدات (الكورتيزون) تعمل على مستوى معين لوقف الالتهاب، ومضادات الليوكوتر ايينز (سنجلويير) تعمل على مستوى آخر، وهكذا تستمر محاولات الأطباء والباحثين للوصول إلى أدوية واقية جديدة. وبفضل الله فإن النسبة العظمى من مرضى الربو يستجيبون للأدوية الواقية المتمثلة في البخاخات الواقية، ولكن هناك نسبة أقل من المرضى تصل إلى 5 في المئة من مرضى الربو تستمر لديها الأعراض على الرغم من استخدام أعلى جرعات البخاخ الواقي، وبعضهم يحتاج إلى حبوب الكورتيزون لمدة طويلة للسيطرة على المرض وأعراضه. وقد يحتاج هؤلاء المرضى إلى التنويم المتكرر في المستشفى أو الزيارات المتكررة قسم الطوارئ. لهذه الفئة من المرضى ظهر علاج جديد يعرف بمضادات غلوبلين E المناعي مضادات lgE. ويسمى الدواء الجديد أوماليزوماب (زولير) وتنتجه شركة نوفارتس.

ولفهم آلية عمل هذا العلاج لا بد من فهم آلية مرض الربو أو الحساسية التي تسبب الربو. فبصورة مبسطة جدًا تمر حساسية الصدر (الربو) بثلاث مراحل، المرحلة الأولى مرحلة التحسس، حيث يتعرض الجهاز التنفسي لمادة مهيجة وتقوم الأجسام المضادة lgE بالتعرف على المهيج وتكوّن مركبًا يلتصق بنوع من خلايا الدم البيضاء تعرف بخلايا ماصت. بعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية وهي الاستجابة المبكرة، حيث تفرغ خلايا ماصت جميع محتوياتها نتيجة التصاقها بالأجسام المضادة lgE وهذه المحتويات تبدأ تفاعل الحساسية وتظهر أعراض المرض خلال دقائق، ثم بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة وهي الاستجابة المتأخرة وتشارك فيها أنواع أخرى من الخلايا البيضاء، ولا أريد في هذا السياق أن أعقد الأمر للقارئ، ولكني أحببت توضيح آلية المرض بصورة مبسطة حتى يتسنى للقارئ الكريم فهم طريقة عمل الدواء الجديد (زولير). فالدواء الجديد (زولير)  الذي يتم تناوله عن طريق الحقن مرة كل أسبوعين أو أربعة أسابيع يقوم بتكوين مركب مع الأجسام المضادة lgE ويمنع التصاقها بخلايا ماصت مما ينتج عنه توقف تفاعل الحساسية في مراحله المبكرة. وقد أظهرت الدراسات أن علاج زولير آمن الاستخدام ولا توجد له آثار جانبية شديدة، كما أن نسبة جيدة من المرضى يستجيبون له، ولكن بالطبع ليس كل المرضى. وقد وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية على استخدامه في علاج حالات الربو الشديدة، كما وضع ضمن الأدوية التي يمكن استخدامها في التوصيات العالمية الجديدة لعلاج حالات الربو الشديدة، وحصل العلاج على موافقة للاستخدام في المملكة وتم تسجيله في وزارة الصحة في المملكة حديثًا بناء على الأدلة العلمية المتوافرة التي أظهرت فاعلية هذا العلاج. فقد أظهرت الدراسات أن العلاج الجديد كان فعّالا مع المرضى المصابين بالربو الشديد من حيث تقليل عدد مرات الإصابة بنوبات شديدة من الربو وعدد مرات زيارة قسم الطوارئ، والتحسن الكبير في وظائف الرئة عند المرضى الذين استخدموا العلاج الجديد، كما حدث تحسن نوعي كبير في حياة المرضى ونقص كبير في الأعراض وفي استخدام حبوب الكورتيزون. والعلاج، كما ذكرت آنفًا يستخدم لحالات الربو الشديدة وليس لكل مرضى الربو. والعلاج مصرح باستخدامه للكبار فقط ولم يحصل على موافقة باستخدامه للأطفال أو السيدات الحوامل. وتبقى نقطة مهمة قد تحدث كثيرًا من استخدام الدواء الجديد وهو التكلفة الباهظة لمثل هذا العلاج، ولكن بعض الدراسات الاقتصادية لجدوى مثل هذا العلاج أظهرت نتائج أولية بأن تكلفة استخدام العلاج أقل من التكلفة التي قد يتحملها النظام الصحي نتيجة عدم علاج المرضى بسبب حاجة المريض إلى التنويم في المستشفيات وللزيارات المتكررة للأطباء وأقسام الطوارئ.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كلية الطب - جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share