EN
:  حجم الخط
الأرق

الأرق مشكلة شائعة جدًا فقد أظهر أكثر من استبيان أن نحو 30 في المئة من الناس قد يعانون صعوبات في النوم. وهذه المشكلة تصيب السيدات أكثر من الرجال، وكبار السن أكثر من الشباب.

ما هو الأرق؟

الأرق في حد ذاته ليس مرضًا وإنما يمكن النظر إلى الأرق على أنه في المجمل عرض لمشكلة طبية أخرى، كما أن الصداع عرض لمشكلات طبية. ويعرف الأرق على أنه الشكوى من عدم الحصول على نوم مريح وهو ما يؤثر في نشاط المصاب خلال النهار. ويمكن أن يقسم الأرق إلى ثلاثة أقسام:

  • صعوبة البدء في النوم:ويشكو المصابون من صعوبة في النوم عند ذهابهم إلى فراش النوم، ولكن ما إن يناموا فإن نومهم يستمر بشكل طبيعي.
  • الاستيقاظ المتكرر:ويدخل المصابون في النوم بسهولة ولكنهم يشكون من تقطع النوم وعدم استقراره واستمراريته.
  • الاستيقاظ المبكر:ويشكو المرضى من الاستيقاظ في ساعة مبكرة من النهار وعدم القدرة على العودة إلى النوم.

وهناك تقسيم آخر للأرق يعتمد على طول الفترة التي يعاني المصاب فيها من الأرق:

  • أرق مؤقت:من ليلة إلى ثلاث ليال ويشكو المصابون بالأرق عادة من الخمول خلال النهار ونقص التركيز وضعف الإنتاجية، وقد يشكون من النعاس. والمصابون بالأرق أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
  • أرق قصير المدى:من أربع ليال إلى ثلاثة أسابيع.
  • أرق مزمن:أكثر من ثلاثة أسابيع.

هل كل من ينام ساعات قليلة يشكو من الأرق؟

هناك اعتقادات خاطئة حول النوم يجب توضيحها. يحتاج الشخص العادي من أربع إلى تسع ساعات للنوم كل 24 ساعة للشعور بالنشاط في اليوم التالي. وعلى كل الأحوال فإن عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثيرون يعتقدون أنهم يحتاجون إلى ثماني ساعات نوم يوميًا، وأنه كلما زادوا من عدد ساعات النوم كان ذلك صحيًا أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ. فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني من مشكلات في النوم. البعض الآخر يعزو قصور أدائه وفشله في بعض الأمور الحياتية إلى النقص في النوم، مما يؤدي إلى الإفراط في التركيز على النوم، وهذا التركيز يمنع صاحبه من الحصول على نوم مريح بالليل ويدخله في دائرة مغلقة. لذلك يجب التمييز بين قصور الأداء الناتج عن نقص النوم وقصور الأداء الناتج عن أمور أخرى، كزيادة الضغوط في العمل وعدم القدرة على التعامل مع زيادة التوتر وغيرها.

ما أسباب الأرق؟

للأرق أسباب كثيرة جدًا، ولكن يمكن أن تجمل الأسباب في ثلاث مجموعات: أسباب نفسية، أسباب عضوية، وأسباب سلوكية وبيئية.

  1. الأسباب النفسية:

وقد أظهرت الدراسات أن 40 في المئة من المصابين بالأرق لديهم اضطرابات نفسية. والأسباب النفسية التي تسبب الأرق متعددة؛ فمنها الاكتئاب والقلق والضغوط العائلية والوظيفية وغيرها. وعندما نتحدث عن الاضطرابات النفسية فنحن لا نعني أن المصاب مجنون أو مريض نفسيًا، ولكن تغير أسلوب الحياة المدنية الحديثة نتج منه الكثير من الضغوط النفسية التي قد تؤثر في النوم  (راجع الاضطرابات النفسية والنوم). والمصاب بالأرق الناتج عن اضطرابات نفسية لا يدرك في معظم الحالات أن السبب في إصابته بالأرق يتعلق باضطرابات نفسية. ويخشى الكثير من الناس أن يوصفوا بأنهم مرضى نفسيين. ولكن نظرًا إلى شيوع الاضطرابات النفسية كأحد أهم الأسباب للأرق يجب استكشاف احتمال وجود الأسباب النفسية عند المصابين بالأرق. ويشكو المصابون بالاكتئاب من الاستيقاظ المبكر، بينما يعاني المصابون بالقلق من صعوبة الدخول في النوم.

  1.  الأسباب العضوية:

وهي متعددة وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء دراسة للنوم لتشخيص هذه الأسباب. ومن هذه الأسباب:

  • الاضطرابات التنفسية:ومنها الشخير وتوقف التنفس أثناء النوم، توقف التنفس المركزي، وخاصة عند المصابين بهبوط القلب، والحساسية التنفسية لمجرى الهواء العلوي أو السفلي.
  • ارتداد الحمض إلى المريء:ويعني استرجاع الحمض من المعدة إلى المريء، وأحيانا يصل الحمض إلى البلعوم. وهذا أحد الأسباب المعروفة لتقطع النوم والأرق.
  • متلازمة حركة الساقين غير المستقرة
  •  النوم غير المريح "دخول موجات اليقظة على موجات النوم العميق" (نوم الألفا دلتا):المصابون بهذا الاضطراب قد ينامون لساعات كافية ولكنهم لا يشعرون بالنشاط والحيوية عند استيقاظهم. وهم يصفون نومهم عادة بالنوم الخفيف جدًا وعدم القدرة على الاستغراق في النوم. والمصابون بهذا الاضطراب لا يحصلون على النوم العميق بصورة طبيعية؛ حيث إن تخطيط المخ خلال النوم يظهر دخول موجات الاستيقاظ ألفا على موجات النوم العميق موجات دلتا (المرحلة الثالثة والرابعة من النوم).
  • الألم:الألم أيًا كانت أسبابه قد يؤدي إلى الأرق.
  • أسباب طبية أخرى:كالشلل الرعاش وأمراض الكلى واضطراب الغدة الدرقية، السكري وغيرها.
  1. الأسباب السلوكية والبيئية:
  • عدم الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ
  • الأرق المكتسب (الأرق السيكوفيزيولوجي ):وهنا يعاني المصاب من الأرق نتيجة لبعض العوارض الاجتماعية أو الضغوط النفسية، ولكن بعد زوال السبب الذي أدى للأرق تستمر مشكلة الأرق مع المريض؛ وذلك بسبب اكتساب المريض عادات خاطئة في النوم خلال الفترة السابقة، ويصبح المريض مشغول الذهن وكثير القلق من احتمال عدم نومه ويدخله ذلك في حلقة مفرغة تزيد من مشكلة الأرق عنده. وهؤلاء المرضى قد ينامون بشكل أفضل خارج منازلهم.
  • الخمول والكسل:فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون حياة خاملة ينامون بصورة أسوأ من الذين يعيشون حياة نشطة مليئة بالحيوية. والرياضيون بصورة عامة ينامون أفضل من الخاملين.
  • الإفراط في استخدام المنبهات أو استخدام الكحول:والمنبهات تشتمل على المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي والكولا والشوكولا. كما أن دخان السجائر يعتبر من المنبهات. أما بالنسبة إلى الكحول فإنه من المثبت علميًا أنه يؤدي إلى الأرق وتقطع النوم، كما أنه يزيد من اضطرابات التنفس أثناء النوم.

ما أساليب علاج الأرق؟

كما ذكر سابقًا، فإن الأرق عرض أكثر منه مرضًا. لذلك يجب أن يوجه العلاج إلى سبب الأرق. فإذا كان السبب عضويًا أو نفسيًا فيجب أن يشخّص أولا ويتم علاجه بعد ذلك، وكنتيجة لعلاج السبب فإن الأرق يتحسن. فإذا لاحظ أفراد العائلة أن المصاب يعاني من الشخير أو توقف التنفس أو أنه كثير الحركة أثناء النوم فقد يكون السبب عضويًا ويحتاج عندئذ إلى أن يراجع المريض اختصاصي اضطرابات النوم. أما إذا لاحظ معارف المصاب أنه مكتئب أو كثير القلق فقد يكون السبب نفسيًا ويحتاج المريض إلى أن يبدأ بزيارة الطبيب النفسي. إذا كان السبب عضويًا أو نفسيًا فإن علاج السبب كفيل بعلاج الأرق.

أما في الحالات التي تندرج تحت الأسباب السلوكية والحالات التي لا يمكن تحديد السبب فيكون العلاج في أساسه علاجًا سلوكيًا، ويمكن أن يدعّم العلاج في مراحله الأولى بحبوب منومة  (راجع نصائح لنوم سليم).

ما دور الحبوب المنومة في علاج الأرق؟

عند الحديث عن الحبوب المنومة يجب تقسيم الأرق إلى الأرق المزمن والأرق الحاد.

الأرق الحاد:وعادة ما يزول بعد زوال السبب كبعض الضغوط العارضة أو السفر إلى مناطق بعيدة مما ينتج عنه اختلاف كبير في التوقيت (جت لاق) وغيرها. وإذا كانت الأعراض شديدة فيمكن وصف بعض الحبوب المنومة خلال هذه الفترة بحيث لا يزيد استخدام الحبوب عن أسبوعين.

الأرق المزمن:يجب في البداية تقييم المصاب بالأرق المزمن من قبل المختصين لاستبعاد الأسباب العضوية والنفسية. إذا تم استبعاد الأسباب العضوية والنفسية فإن العلاج في أساسه كما ذكر آنفًا يتكون من الأساليب السلوكية التي يمكن أن تدعّم في بدايتها وفي بعض الحالات بالحبوب المنومة. ولكن يجب أن يبقى استخدام الحبوب المنومة لفترة محدودة وتحت إشراف طبي مباشر. ويجب على القارئ أن يدرك أن الحبوب المنومة ليست حلاً للأرق المزمن، وأن استخدام الحبوب لفترة طويلة قد ينتج عنه التعود على الحبوب، حيث تفقد الجرعة التي يتناولها المريض فاعليتها مع الوقت ويحتاج المريض إلى جرعات أكبر. وأذكر هنا المريض الذي راجع عيادتي للمرة الأولى بسبب الأرق وكان يتناول 50 ملجم من الفاليوم و15 ملجم من الزاناكس دون أي فعالية. وعند أخذ المعلومات من المريض اتضح أنه بدأ تناول الحبوب المنومة منذ 30 سنة مضت، ومع الوقت كان يحتاج إلى زيادة الجرعة تدريجيًا حتى وصل إلى هذه الجرعة المرتفعة.

كما أن التوقف المفاجئ عن الحبوب المنومة يسبب عودة شديدة للأرق. وإذا كان هناك اشتباه في احتمال إصابة المريض بتوقف التنفس أثناء النوم فيجب الابتعاد تمامًا عن الحبوب المنومة لأنها تزيد من حدة ومضاعفات توقف التنفس. وفي هذا السياق أود التنويه على أن حبوب الحساسية ليست حبوبًا منومة ولا يصح استخدامها كحبوب منومة.

ما النصائح التي يمكن تقديمها لمريض الأرق؟

على مريض الأرق أن يحاول أن ينتظم في نومه، وأن يتبع العادات الصحيحة للنوم في كل الأحوال. إذا كان هناك احتمال وجود سبب عضوي أو نفسي فيفضل حينئذ مراجعة الطبيب المختص.

العادات الصحيحة للنوم:

  • استرخِ قبل النوم. فالإنسان الذي يستمر في العمل حتى وقت نومه عادة ما يجد صعوبة في النوم لأن جسمه لم يأخذ حاجته من الاسترخاء الذي عادة ما يسبق النوم.
  • تجنب إجبار نفسك على النوم، فالنوم لا يأتي بالقوة. بدلاً عن ذلك ركز على عمل شيء هادئ يريح بالك كالقراءة أو مشاهدة التلفزيون أو آيات من القرآن للمساعدة على الاسترخاء.
  • اذهب إلى الفراش عندما تشعر بالنعاس فقط.
  • لا تكثر البقاء في الفراش وأنت مستيقظ واحصر بقاءك في الفراش على الفترة التي تحتاجها للنوم.
  • أخفِ ساعة المنبه ولا تجعلها أمامك إذا كان النظر إليها يزعجك. ولكن اضبط المنبه للاستيقاظ صباحًا.
  • الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ.
  • حاول ممارسة الرياضة بانتظام، فالرياضة تساعد على النوم بشكل أفضل.
  • حاول التخفيف من المنبهات.
  • تجنب التدخين.
  • وجبة خفيفة قبل النوم قد تساعد على النوم.
  • وقبل ذلك كله وبعده لا تنسَ الالتزام بورد (دعاء) النوم.

 

أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم

Share